حسد الغيبة والنميمةوهذا النوع من الحسد من أخطر الأنواع التي تسري بين كثير من المسلمين بهدف إثارة البلبلة والقذف وإشاعة البغضاء والشحناء بين المتحابين من أزواج وأصدقاء وأقارب وشركاء بهدف زوال النِعم من المحسودين. لذلك فتشديد تحريم الغيبة والنميمة ورد في أكثر من آية وحديث نبوي شريف. حيث يحاول المغتاب أو النمام بما يحمل في قلبه من حسد وكره للمحسود نشر الأكاذيب وتلفيق القصص الزائفة والأقوال الجارحة لتصديقها حتى تكون الفرقة ويكون التشتت وتشيع الكراهية وتزول الخيرات.
قال تعالى:" وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ"(1).
وقوله تعالى في النهي عن النميمة في قوله تعالى:"وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ"(2).ومن السنة النبوية قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"أتدرون ما الغيبة؟ قالوا:الله ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال: إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته. وإن لم يكن فيه، فقد بهته"(3).
وقوله صلى الله عليه وسلم:" لا يدخل الجنة نمام"(4).
ومع ذلك نجد إنتشار مثل هذا الحسد في مجتمعاتنا الإسلامية وخصوصاً بين الأقارب وبشكل أدق ما يحصل من (حديث الوسادة) وأعني به حديث بعض زوجات السوء لأزواجهن في الفراش لتأليبه على أهله واخوته وأخواته وقرابته من أجل تحقيق أهدافها. فكم من أسرة كانت مجتمعة على المحبة والمودة والتعاطف والبذل والعطاء ولكنها تفرقت بسبب زوجة إبن وفدت عليهم حاكت الأكاذيب وتعمدت الغيبة ونشرت الأقاويل الباطلة حول أم الزوج أو أبيه أو إخوته بهدف الخروج من منزل تلك العائلة. وربما طال العداء أسرتي الزوج والزوجة لتكون هناك فُرقة أبدية أو تستمر لفترات طويلة. علماً أن مكر الزوجة السوء لا يطول في الغالب حيث تنكشف أوراقها ويتبين خداعها وربما ينقلب مكرها عليها بفضيحة أو مصيبة تحل بها وبدارها مصداقاً لقول الله تعالى:" وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ"(1).
وأقرب مثال على ذلك ما حدث لأسرة نسيب لي كانت تعيش مع أبنائها البارين العقلاء في منزل كبير جداً ذو أجنحة متعددة وفاخرة. ولكن بسبب زوجات الأبناء التي أصبحت كل واحدة منهن تكيد لزوجة الإبن الآخر كذباً وزوراً وغيبةً ونميمة تفرقت تلك الأسرة الكبيرة التي عاشت قبل دخول زوجات الأبناء عيشة هنيئة رغده وأصبح كل ابن يعيش في مِعزل لوحده مع زوجته وأبنائه في شقة مستأجرة مستقلة تاركين أمهم وأباهم لوحدهما بالرغم من طيبتهما وحبهما لإبنائهما وأحفادهما. وبحكم أن الله سبحانه وتعالى ليس بظلام للعبيد فقد قيض لأولئك الوالدين من يحبهما ويسعى لمصالحهما ليل نهار ويقوم على شؤونهما من بناتهما وأزواج بناتهما وكأنهم أبنائهم.من كتاب لا تخف للدكتور عبدالعزيز الزيرص74

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق